الأربعاء، 29 فبراير 2012

لليل وجه آخر


                              

 كان الليل بظلمته وسواد لونه، وما يزال، يخيف الناس على مر العصور والأزمان، فهو ثقيل الوطأة على البشر، وخاصة على ذي الهم والحزن والغم، وعلى من يشكو علة من العلل "إلليل طويل، ألله لا يْطَوّْلُه على مخلوق بْشِدِّه".
والليل لدى بعض الشعوب هو وحش مهول يستقر فكه الأسفل في الأرض، في حين يصطدم فكه الأعلى بالسماء.
ويحكى في بعض الأساطير، أن الشمس كانت تود بصفة أساسية، أن تشرق على الدوام، عند ذاك كان على الإنسان أن يطلب من الليل مساعدته، فقام الليل بحجب الشمس عند حلوله.
وكان لليل قيمة خاصةٌ عند العرب القدماء، مما دفعهم إلى أن يؤرخوا به، فيقولون مثلاً: لأربع ليالٍ مضيْن من رجب.
وفي المعتقدات القديمة، أن الموت يختبئ في رداء الظلمة/ رداء الليل... وهناك معتقد شعبي إنساني موغل في القدم، يرى أن الموتى يركبون ريح الليل ثم ينفثون أحقادهم... وفي الليل تموت الأشياء، وتهيمن روح الصمت على الكائنات.
ويشير القرآن الكريم، إلى موت البشر في الليل، في قوله تعالى: "وهو الذي يتوفاكم بالليل"، لذلك فإن المرء في الوسط الشعبي الفلسطيني، عندما يستيقظ صباحاً، يقول: "الحمد لله الذي أحيانا بعد أن أماتنا وإليه النشور".
ويعتقد الناس في الوسط الشعبي العربي، أن الليل وظلمته هما المسرح الخصب الأنسب لظهور الأشباح الشريرة، وخاصة بعض الجان... لذلك فهم يحذرون العديد من الممارسات عند حلول الظلام، خشية أن ينالهم أذى هذه الكائنات، فهم مثلاً يتورعون عن صفع الأطفال على وجوههم في الليل، لأن ذلك من شأنه أن يعرضهم لضربات الجن الذين ينتشرون عند حلول الظلام.
وتمتنع المرأة الفلسطينية عن كنس ِأرض المنزل أثناء الليل، لكيلا يُغضب ذلك الجن، فمن يُغضب الجنَّ فإنَّ هؤلاء وفق المعتقد الشعبي الفلسطيني سيؤذون أهل البيت أو يؤذون من أغضبهم... ويحذرون الأطفال من الصراخ في الليل، لأن هذا الصراخ يزعج الجان وبالتالي يمسون الأطفال بسوء "يلْمسونهم".
وهم يعتقدون أن الخياطة، أو تركيب الملاحف ليلاً، من شأنه أنْ يجلب الشر، لهذا فإنهم لا يحبذون ممارسة مثل هذه الأعمال في الليل.
والمرأة الفلسطينية لم تكن تمشط شعرها ليلاً، لاعتقادهم أن ذلك إذا حدث فإنه نذير شؤم وشر وفأل سيء... والكثيرون منهم يمتنعون عن إخراج السلم الخشبي من البيت عند غروب الشمس وحلول الظلام، لأنهم يتشاءمون من ذلك، فالسلم هو أشبه الأشياء بالنعش الذي يحمل عليه الميت، وخروجه قد يؤدي إلى موت أحد أفراد الأسرة.
ولا يَقبلون بإخراج الغربال أو المقص من البيت أثناء الليل، لاعتقادهم بأن ذلك مرتبط بالرزق.
والمرأة في بعض المناطق المصرية، كما يشير الدكتور سميح شعلان في كتابه "الخبز في المأثورات الشعبية" تعتقد بأنه لا يجوز إقراض المنخل أو الغربال ليلاً دون أن تضع فيه صاحبته كسرة خبز صغيرة، حتى لا يدخل إلى الدار المقترضة فارغاً.. ولكن يجوز استبدال كسرة الخبز بأي شيء يؤكل.. ويجب على المقترضة اتباع نفس الممارسة عند إعادتها للمنخل أو الغربال مساءً.. ويرى بعض الناس، أن دخول المنخل أو الغربال على أهل الدار فارغاً، يعد نذير شؤم بخلو الدار المستقبلة من الخير، لكن وضع الأشياء التي تؤكل، في هذا الغربال، تمنع ذلك الشؤم، وهذه الممارسة لا تنحصر في المنخل والغربال فقط، بل تتعداهما إلى كافة الأواني والأوعية.
وهم يرون أن الشيء الفارغ أسرع وأسهل للروح الشريرة في أن تَشْغَلَه، والأرواح الشريرة مسرحها الليل، حيث تتحرك للعمل، ولما كان الغربال أو المنخل هما أقرب الأدوات المتعلقة بصناعة "العيش"، فإن احتلال الروح الشريرة لهما هي أضمن وسيلة لضرب الأسرة في أساس وجودها "عيشها".
والمرأة الفلسطينية لا تمشط شعرها ليلاً، لاعتقاد الناس أن في ذلك فألاً سيئاً وشراً يوشك أن يقع.
ولا يحبذون فتح المقص إذا لم يكن لفتحه أي مبرر، لا سيما أثناء الليل، لاعتقادهم أن ذلك يمكن أن يثير الخصومات ويولّد النزاع بين شخصين أو بين فريقين من الناس.


هناك 10 تعليقات:

  1. يعطيكو الف العافية

    ردحذف
  2. يسلموووووووووووووووووووووووو كتير حلو

    ردحذف
  3. ماشاء الله عليكم شو حلو الموضوع

    ردحذف
  4. روعة الموضوع

    ردحذف
  5. حلو كتييييييييييييييييييييييييييييييير

    ردحذف
  6. تسلم هالانامل شغلكم كتير روعة

    ردحذف
  7. وليييييييييييييييييد4 مارس 2012 في 2:15 م

    ياعيني ع الناس اللى بتحب بلدها وبدها تنشر ثقافتهم خلي العالم تشوف كيف نحنا الفلسطينية بنرفع الراس دائما اتمنى لكم التوفيق دائما

    ردحذف
  8. كلام كتييييييييير حلو

    ردحذف
  9. سموووووووووحة6 مارس 2012 في 1:18 ص

    تسلم دياتكو ع الكلام شو انو روعة

    ومنكم استفدنا ياغوالي

    اتمنالكم التوفيق والفوز

    ردحذف
  10. هادا الموضوع كتيييييييييييير حلو
    بتعرفو مش عارف شو احكي عنكم بجد انتم ابداع بذاته

    ردحذف